الرجلُ الساكنُ المنزلَ المجاورَ،
المنزلَ المُحاط بالصمتِ ونشارةِ الخشب،
لم يَعدْ في المساءِ
ـ كعادتهِ ـ مُتأبطاً صُحفا وأوراقاً،
مطأطئاً رأسهُ، عاضّاً على غليون.
ذلكَ المساءُ من حزيرانَ،
مساءٌ غريبٌ:
الأولادُ الذين يلعبون بالكرةِ في الفسحاتِ،
لم يتنحوا عن الطريق في الساعةِ الخامسة.
النسوةُ اللائي يشربنَ الشاي المُنعنع
أمامَ المنازلِ،
لم يغمزْ بعضُهن الى بعضٍ،
مشيراتٍ الى الشِّعرِ الفضيِّ للرجل،
لم يصّمتنَ في الساعةِ الخامسة.
النافذةُ المسدلةُ الستائرِ الثقيلةِ
لم تنفتح في الخامسةِ وخمسِ دقائق.
الوقتُ يمرُّ
ولكن الرجلَ ذا الشَّعرِ الفضيّ
المتأبطَ صحفاً وأوراقاً،
المطأَ طئَ الرأسَ،
العَاضَّ على غليونٍ
والذي يسكنُ منزلاً مجاوراً
لم يَعُد
ـ كعادته ـ
في الساعةِ الخامسة.
نظر البعضُ إلى ساعاتهم.
آخرون هُرِعوا إلى مقهى الساحةِ
للتأكد من ساعة الحائط.
لكن الساعات، كلّها، كَفَّتْ عن النبضِ.
الساعاتُ
كلُّها
توقفتْ
في الخامسة.
ـ كانون الأول بيروت 1979/
من ديوان "منذ جلعاد"