أنين الُدروبِ الضيِّقة
أشرف قاسم
يا سيدي ..
كيف استطعتَ القفزَ
فوقَ الأزمنةْ
كيف استطعتَ
بِأنْ تكونَ نبوءة
لِزمانِ قطْعِ الألسنةْ ؟
* * * *
الآن
ندركُ – بعدما رُفِعَ الستارُ
حدودَ هذي المهزلةْ
الآن
ندركُ أنَّ "لا"
بابُ الدخولِ
إلى جحيمِ المقصلةْ !
* * * *
ما زلتُ أرفضُ
أن أموتَ
كما يشاءُ الكابتونْ
لكنني ما زلتُ
أخشى أنْ أموتَ
كما يموتُ بقريتي
جوعىَ .. عرايا
الكادحونْ !
* * * *
يا سيدي..
ما زلتُ أبحثُ للصغارِ
عن اللُّقَيْماتِ النظيفةْ
مُنذُ الصباحِ إلى المَسا
متسولاً
مازلتُ أبحثُ
عن وظيفةْ !
* * * *
يا سيدي..
بالأمسِ ماتت زوجتي
في المزبلةْ
عفواً
بمستشفى الحكومةِ
دون أدنى مُشكِلةْ !
* * * *
قال الطبيبُ
بأنها كانت تُعاني
من أنيميا ..
أو هبوطْ
الجوعُ كان الإخطبوط
يا سيدي ..
أنا شاعرٌ
والشِّعرُ صار بلا ثمنْ
أتُراهُ يأْتي للتي قُتلت
بِقبرٍ
أو كفنْ ؟
* * * *
يا سيدي ..
يا ليتني
قد عشت في زمنِ النزاهةْ
الآن يحيا البائسون
و خطْوهم
نحو المتاهةْ !
* * * *
وحدي هنا
و الياسمينُ الذابلُ المحزونُ
يبكي
في الأُصُصْ
و حبيبتي حزنٌ
يُسافر مِن محيطِ القلبِ
نحو خليجهِ
و يصوغُ مِن أسفارهِ
أقسى القِصصْ !
* * * *
الشوكُ بين ضلوعِنا
و مخالبُ الصمتِ العنيدةُ
فوق أفواهِ الضِّعافْ
سرقوا الضِّيا
و القُوتَ
و الثوبَ المُرَقَّعَ
كي نخافْ !
* * * *
في زحمةِ الأحزانِ
أصبحنا ندورْ
أشباهَ موتى
و المنافي كالقبورْ !
* * * *
كل الدروبِ الآن
أمستْ ضيِّقةْ
حتى متى نمضي
ونحن الواثقين
بأننا نمضي
لحبل المشنقةْ ؟
* * * *
يا سيدي ..
أحزاننا
صارت على جبهاتنا
مثل النقوشْ
فإلى متى
يغتال أحلامَ النوارسِ
بطشُ
قُطْعانِ الوحوشْ ؟ . !