الرئيسية » » ما تركته في يده | إسلام سلامة

ما تركته في يده | إسلام سلامة

Written By Unknown on الأحد، 12 يوليو 2015 | 7:17 م

ما تركته في يده ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أسبلوه وأسندوا ذراعيه بجانبه كهدير البحر أو كمظاهرة عارمة سمع الصراخ يخرج عاليا من الحناجر ولما رأى راية سوداء مرفوعة على الشاطئ تأكد أنه البحر . ...... ( دنيا ) هكذا أطلق الحانوتي زفرته وشمر عن ساعديه وأخلى المكان وكأي ميت لم ينبس رغم الماء الساخن لكنه أراد أن يشعل النار في لحية الحانوتي لما دعك ذراعه بشدة آلمته .......... كلحن كنائسي رتيب سارت العربة تعالى الصراخ أكثر من ذي قبل هتف في السائق أن يسرع قليلا ليقتل هذا الملل لكن أحدا لم يسمعه ابنه الكبير سقط من طوله ولأن الجنازة خسرت واحدا مهما تبرم داخل التابوت وهو يمط شفتيه ابنته بحرفية بالغة -اكتسبتها من موت أمها – نثرت ترابا كثيفا فوق رأسها وهي تجري خلفه أراد أن يصفق لولا يداه المحشورتان بشدة داخل الكفن فوق العربة مباشرة أعقاب السجائر التي دهسها بقدمه شكلت نصف دائرة وطارت كسرب فوق تابوته وهي منكسة رؤوسها فشعر بامتنان شديد حرارة المقعد الذي تركه دافئا نصف كوب الشاي الذي لم يكمله حتى البقعة التي تركها على مفرش الطاولة كلهم شيعوه طالبين له الرحمة أمام المقهى الأكواب والمقاعد ترفع سباباتها في الهواء وتقرأ الفاتحة بمفردهم سار أصدقاؤه متجاورين أشفق عليهم وهم يبكون بكل هذه الحرقة تذكر - رغم امتناعه عن الصلاة من سنة كاملة – أنه لم يكلم الله بشكل جيد في صلاته الأخيرة منشغلا بإحصاء الخلايا التي تآكلت من جسده وزوجةَ ابنه العقيمَ التي لم يأخذ بخاطرها والكتاب الذي تركه مفتوحا ضحك كثيرا من عصبيته الزائدة ( لن أجد بعد الآن ما يثيرني ) وفي مقابر العائلة كان رجلٌ عجوزٌ متكئاً على قبر زوجته فشتم بشدة وزعق حتى بحت حنجرته ولو أنه يتنفس لتحشرجت أنفاسه في صدره الأمر الغريب أنه لا يزال يغار على زوجته بعد كل هذه الفترة من موتها في الأسفل كانت روحه تجلس وهي مٌربِّعة قدميها ضغطت يده بحنان ودست في كفه شيئا وطارت في أثر آخر المشيعين ما يضايقه الآن كثيرا أن قصيدته التي سيكتبها عن موته – فيما بعد – لن يستطيع أن يقرأها على أحد .


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.